سورة البقرة - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


الآية الثامنة والعشرون:
{يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}.
السائلون هنا: هم المؤمنون سألوا عن الشيء الذي ينفقونه ما هو؟ أي ما قدره وما جنسه؟ فأجيبوا ببيان المصرف الذي يصرفون فيه تنبيها على أنه الأولى بالقصد، لأن الشيء لا يعتد به إلا إذا وضع في موضعه وصادق مصرفه وقيل: إنه قد تضمن قوله: {قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} بيان ما ينفقونه وهو كل خير، وقيل: إنهم سألوا عن وجوه البرّ التي ينفقون فيها وهو خلاف الظاهر.
{فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} لكون دفع المال إليهم صدقة وصلة إذا كانوا فقراء، وهكذا اليتامى الفقراء أولى بالصدقة من الفقراء الذين ليسوا بيتامى لعدم قدرتهم على الكسب.
والمسكين: الساكن إلى ما في أيدي الناس لكونه لا يجد شيئا.
وابن السبيل: المسافر المنقطع وجعل ابنا للسبيل لملازمته له.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السّدي قال: يوم نزلت هذه الآية لم تكن زكاة وهي النفقة ينفقها الرجل على أهله والصدقة يتصدق بها فنسختها الزكاة.
وقال الحسن: إنها محكمة.
وقال ابن زيد: هذا في التطوع وهو ظاهر الآية: فمن أحب التقرب إلى اللّه تعالى بالإنفاق فالأولى أن ينفق في الوجوه المذكورة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: سأل المؤمنون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أين يضعون أموالهم؟ فنزلت، فذلك النفقة في التطوّع والزكاة سوى ذلك كله.
وأخرج ابن المنذر أن عمرو بن الجموح سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها؟ فنزلت.


الآية التاسعة والعشرون:
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216)}.
أي فرض القتال عليهم من جملة ما امتحنوا به والمراد بالقتال قتال الكفار، ويستدل بالآية على افتراضه وهو الأولى.
وقيل: الجهاد تطوع والمراد منها الصحابة فقط، وبه قال الثوري والأوزاعي.
والجمهور على أنه فرض على الكفاية.
وقيل: فرض عين إن دخلوا بلادنا وفرض كفاية إن كانوا في بلادهم.
والكره بالضم: المشقة وبالفتح ما أكرهت عليه. ويجوز الضم في معنى الفتح فيكونان لغتين.
وإنما كان الجهاد كرها لأن فيه إخراج المال، ومفارقة الأهل والوطن والتعرض لذهاب النفس، وفي التعبير بالمصدر- وهو كره- مبالغة، ويحتمل أن يكون بمعنى المكروه كما في قولهم: الدرهم ضرب الأمير.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن شهاب في الآية قال: الجهاد مكتوب على كل أحد غزا أو قعد فالقاعد إن استعين به أعان وإن استغيث به أغاث وإن استنفر نفر، وإن استغني عنه قعد.
وقد ورد في وجوب الجهاد وفضله أحاديث كثيرة لا يتسع المقام لبسطها.


الآية الثلاثون:
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (217)}.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} بدل اشتمال، قاله سيبويه ووجهه أن السؤال عن الشهر لم يكن إلا باعتبار ما وقع فيه من القتال.
قال الزجاج: المعنى يسألونك عن القتال في الشهر الحرام.
{قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} : أي أمر مستنكر.
والشهر الحرام المراد به الجنس، وقد كانت العرب لا تسفك فيه دما ولا تغير على عدوّ، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب: ثلاثة أشهر سرد وواحد فرد.
{وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أعظم إثما وأشد ذنبا من القتال في الشهر الحرام، كذا قال المبرد وغيره.
ومعنى الآية- على ما ذهب إليه الجمهور- أنكم يا كفار قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل اللّه لمن أراد الإسلام ومن الكفر باللّه ومن الصدّ عن المسجد الحرام، ومن إخراج أهل الحرم منه أكبر جرما عند اللّه!! والسبب يشهد لهذا المعنى، ويفيد أنه المراد فإن السؤال منهم المذكور في هذه الآية سؤال إنكار لما وقع من السرية التي بعثها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
{وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } المراد بالفتنة هنا الكفر أي كفركم أكبر من القتل الواقع من السرية التي بعثها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
وقيل: المراد بالفتنة الإخراج لأهل الحرم منه، وقيل: المراد بالفتنة هنا فتنتهم عن دينهم حتى يهلكوا: أي فتنة المستضعفين من المؤمنين، أو نفس الفتنة التي الكفار عليها. وهذا أرجح من الوجهين الأوّلين لأن الكفر والإخراج سبق ذكرهما وإنهما- مع الصدّ- أكبر عند اللّه من القتال في الشهر الحرام.
ثم قيل: إن الآية محكمة ولا يجوز الغزو في الشهر الحرام إلا بطريق الدفع.
وعن ابن عباس وسفيان الثوري أنها منسوخة بآية السيف وبه قال الجمهور رحمهم اللّه تعالى.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12